أحد منفذيّ عملية ديمونا.. لؤي الأغواني، ترك قبراً مفتوحاً ليرقد في قبر مغلق
أحد منفذيّ عملية ديمونا
لؤي الأغواني، ترك "قبراً مفتوحاً" ليرقد في قبر مغلق
انقطع التيار الكهربائي عن منزلهم، وكذلك الماء، لم تجد أم لؤي الأغواني، ما يسد حاجاتها المنزلية من الماء، توجه لؤي إلى الحي المجاور، ونقل على كتفه المصاب غالوناً من الماء لأمه.
هذا آخر عمل قام به لؤي (20 عاماً) قبل أن يخرج من منزله في حي الصبرة بمدينة غزة، يوم الأربعاء، بقي والديه في انتظاره إلى أن تلقوا نبأ تنفيذه لعملية فدائية صباح اليوم في مدينة ديمونا الإسرائيلية جنوب إسرائيل.
في بيتها المهترئ، أحاط عدد من النسوة بابتسام أبو جبل (40 عاماً)، والدة لؤي، وفي الممر الضيق المؤدي إلى مدخل المنزل، بللت الدموع وجه زكريا (9 أعام) وهو يصرخ ألماً على فراق أخيه لؤي الذي اعتاد أن يصطحبه في مشاويره القصيرة.
"بعرفش وين، مات، طلع، بدوش يرجع"، تلك هي الكلمات المتقطعة التي نطق بها زكي والدموع تنساب على وجنتيه الناعمتين.
لم تستطع والدة لؤي أن تحبس دموعها وهي تستذكر اللحظات الأخيرة لنجلها الذي رفض عرضاً له بالزواج قدمته له قُبيل غيابه.
تقول أم لؤي: "عرضت عليه الزواج كي أفرح به، لكنه رفض بشدة لأنه بلا عمل، وبلا دخل، وليس هناك مقومات الحياة التي تؤهله أن يعيش مستقرا."
وتؤكد أنه كان، كغيره من الشباب في غزة، يعيش أوقاتاً عصيبة، البطالة القاتلة ووقت الفراغ الممل بجانب الفقر المدقع، بجانب أنباء الاغتيالات والقصف والقتل اليومي في غزة.
وحول السبب الذي تعتقد أم لؤي أنه وراء دفع ابنها لتنفيذ العملية قالت إن الأجواء التي يعيشها الشباب في غزة من فقر وبطالة واغتيالات وكبت هي السبب الرئيس وراء دفعه لتنفيذ العملية، مشيرة إلى أن هذه الأجواء شحنت أنفس الأطفال أيضاً للتفكير في هذا الاتجاه.
وتساءلت: "وهل تعتقد أن لؤي كان سيتوجه لتنفيذ عملية في ديمونا لو كان لديه عمل؟ وهل كان سيتوجه لتنفيذ عملية لو انه يعيش كباقي الشباب في العالم؟"، مستذكرة آخر أيام نجلها و"أحد أجمل الأوقات التي عاشها في حياته"، وهي تلك الفترة التي فُتحت فيها الحدود المصرية مع غزة.
وأضافت أم لؤي أن ابنها لم يغادر قطاع غزة طيلة حياته، في اليوم الأول لفتح الحدود خرج إلى رفح المصرية وعاد إلى البيت في قمة السعادة يقول "وأخيراً استطعت أن أخرج من قبر غزة".
وحول "القبر المفتوح" اعتاد لؤي أن يعطي هذا الوصف لغزة خلال مناقشته الأوضاع السائدة في القطاع المغلق.
"عاجبك هاد الحياة يا عمتي؟ هاد مش حياة، إحنا أموات عايشين في قبر مفتوح اسمه غزة"، بتلك الكلمات اعتاد لؤي أن يصف غزة لعمته عبلة الأغواني.
وتقول عبلة إن لؤي الذي كان قريباً منها كان يستشيط غضباً عند سماعه أنباء اغتيال اسرائيل لأحد النشطاء في غزة، ويعبر عن همومه لها سيما "الفَلَس" الذي يعيشه هو وإخوته.
غادر لؤي المنزل يوم الأربعاء، قبّل يدي والدته وأوصاها في حال عدم عودته أن يسدد أهله بعض الشواقل التي تراكت عليه ديوناً لصالح محال البقالة المجاورة للمنزل. أكد انه سيذهب للعمل في العتالة، بيد أنه وفي منتصف الليل، هاتف أهله وأوصاهم أن يوصدوا باب المنزل جيداً لأنه "سيتأخر".
لؤي هو الأخ الأكبر بين 10 أبناء يعيلهم الوالد زكي الأغواني (46 عاماً) الذي لا يستطيع ممارسة عمله كسائق بسبب مرض الغضروف الذي يعاني منه.
ويقول والد لؤي إنه مستغرب جداً من نجله الذي نفذ عملية ديمونا، "كان هادئاً جداً وليس له علاقة بأي من التنظيمات الفلسطينية، وصلني الخبر عبر الهاتف ولم أصدق بل وكذّبت الخبر."
ويضيف زكي الأغواني أن ابنه كان أحياناً لا يبرح المنزل بسبب عدم امتلاكه لأيٍ من النقود. "شاب يمشي في الشارع ولا يوجد بحوزته عشرة شواقل،
وترك والد لؤي طابور المعزّين ليلتفت إلينا مشدداً أن ضنك الحياة كانت دافعاً لابنه أن ينفذ العملية.
وأضاف: "لو أن الأوضاع منفرجة في غزة ولو أن هناك عمل وحياة طبيعية أستبعد أن يتوجه لؤي لتنفيذ عملية، وهذا ينطبق على جل الشباب في غزة."
في وصيته التي بثتها وكالة رامتان، قال لؤي الأغواني، إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة من جرائم بشعة وحصار وقتل تستوجب رداً مزلزلاً، مشيراً إلى أن البندقية الفلسطينية انحرفت عن مسارها داعياً إلى الوحدة.
الإثنين فبراير 04, 2008 10:16 pm
